Pages

Wednesday, January 3, 2018

خسارة وربح

سؤال: هل نستطيع اعتبار الخسارة في بعض الاحيان. . . نجاح

احمل نفسي دائماً على الاعتقاد بأن بعد كل ليل .. نهار, وبعد كل صبر.. فرج.. وبعد كل شتاء.. صيف.. وبعد كل ليلة ممطرة.. قوس قزح في الفجر.. ولكن هل دائماً هذه القاعدة على صواب؟ فهل بعد كل جرح.. دواء؟ هل يجب ان نحمل الامل دائماً في طيات ايامنا وصفحات حياتنا؟ ام يجب ان نخسره لكي ننتظر عودته لاحقاً؟ احياناً تكون التساؤلات مفيدة لأنها تجعل من كل شيء منطقي لا منطقي ومن كل بديهي.. غريب

هل هناك حب يستمر و حب ينتهي؟ نحن نعلم ان للماء حد الغليان و الحديد حد الانصهار ولكن هل للقلب حد الانفجار؟ نحن خـُـلقنا من طين و ها نحن احياناً نجبر قلوبنا لتحمل ما لا تقوى عليه باقي الموجودات في الحياة؟ علماً ان القلب من خلق الله و كذلك الماء و الحديد فهي موجودات ازلية لم يصنعها الانسان؟ فلم لا يوجد للقلب حد الاحتمال؟ ام اننا نجبر انفسنا على احتمال مالا نقوى عليه؟ ولكن اين المنطقية في ذلك؟ قال قائلاً في السابق: ليس كل ما يجري في حياتنا يخضع للمنطقية..!! اذن يجب ان نفعل ما نؤمن به ولا ننتظر في المقابل شيئاً لأننا يجب ان لا نؤمن بأي نوع من المنطقية او وجوب حدوثها

حين نسمع بقصص غريبة لغيرنا لا نتوقع حدوثها لنا ونسمعها و ننساها ولا نتذكرها الا حين اقتراب ما يحركها في اذهاننا, كم من صدمة مرت علينا وكم من فاجعة اقضت مضاجعنا ولكننا لم نكن نتوقع حدوثها معنا, هل كل شخص يرى نفسه بعين الكمال؟ ويرى انه الافضل؟ فكيف اذن نستصغر انفسنا حيناً و نستكبرها اخرى؟ هل نحن دائماً نفعل الصواب؟ فكيف اذن نشعر بالندم لاحقاً؟ ام اننا نتبع مقولة: عش اللحظة؟ وهل من قالها كان يبحث عن عذراً لنفسه فلم يجد فقرر استغلال ما حدث له وتوارثها للغير, هل من الممتع حقاً ان نعيش اللحظة ولو كانت على خطأ؟ وكيف تكون المتعة.. متعة اذا ندمنا لاحقاً عليها؟ فأي ذكرى ستبقى في قلوبنا؟ ولكن السؤال الحقيقي اين المتعة في ان تعيش اللحظة ولا تستطيع الرجوع اليها لأننا نشعر بالندم تجاهها؟
تصادفنا في حياتنا العديد من الهفوات و الزلات التي قد نسامح انفسنا عليها و نقطع الوعود على ان لا نعود لها و ان لا نستحلها لأنفسنا ولكن و رغم ذلك نجد انفسنا محاصرين على القيام بها بدوافع مختلفة الا ان النتيجة تبقى كما هي, هل يكون الحب دافعاً ام شعوراً؟ ولاحقاً اهو عذراً؟ كم هو مؤلم حين تستعمل الحب لتغطية رغبات اخرى على اختلاف انواعها, هل الحب الجميل يمكن ان يصبح بشعاً في لحظة؟ هل تستطيع اقتطاعه من قلبك و ارساله بعيداً على ان لا يعود اليك؟ هل يمكن تحصين القلب على ان لا يدخل الحب اليه مجدداً؟ ما هو الاكثر ايلاماً, استئصال الحب من نفسك؟ ام الحرص على عدم العودة اليه؟ وهل تستطيع اكمال حياتك و كأن شيئاً لم يكن؟

انقبل ان نستغبي انفسنا ونستعيبها من الاخرين؟ هل جميعنا احياناً يختارون الغباء لكونه اسهل الاعذار عن الرغبة؟ هل يصبح الحب الرائع محرما عليك الشعور به فقط لكونه خطأ او غير وارد؟ ايجب علينا دائماً ان نضع كل شيء في المنظار الصحيح لفعلها بالطريقة المثلى, ام ان هناك لذة في الخطأ احياناً؟ جميل ان نشعر بالغباء و نستغبي من حولنا و نأخذ كل ما نريد و نفعل كل ما نشاء بلا رقيب او حسيب او سؤال, ولكن بيننا و بين انفسنا هل هذا يجوز؟ ام ان شريعتنا الانسانية ستعود لتلطمنا على اوجهنا و تردها الينا لاحقاً بدون ان نشعر؟

من الجميل حقاً عندما يتسلل الحب الى قلوبنا ونحن في غفلة ولا وعي منا.. من الجميل ان تجد الحب حين لا تبحث عنه وفي طريق لا تتوقع قدومه, نسأل انفسنا؟ هل نستحقه؟ ام هل يستحقنا؟ هل نريده؟ ام يريدنا؟ هل نحن بحاجة اليه؟ ام هل هو بحاجة الينا؟ هل سيصمد؟ ام هل سيبتلعنا في غيوبة نحن في غنى عنها؟ هل يأتي الحب على دفعات ام يأتي بغتة واحدة ولا يستأذننا؟ جميل هو ان تحمل بين ضلوعك شريكا لقلبك الوحيد تحضننه حين تحتاج اليه و تشعر بتلك النبضات المتتالية لنبضاتك, هل يتقبلنا ام يرفضنا؟ هل نخضع اليه بقوة ام ضعف؟ ام قليل من الاثنين, فهل نستسلم اليه ونتقبله كما هو و نستمتع به؟ ام هل نرفض ونفكر؟ أهناك فعلاً من يفكر؟ او يهتم؟ فهذا القرار وليد اللحظة التي لم يحسب حسابها سابقا وقد لا تجد في نفسك الطاقة على رفضه وكل جزء في تكوينك يريده و يحتاجه و يطلبه؟
هل تبدأ الايام بالاختلاف؟ هل يمكن ان يتحول الصباح لليل والليل الى صباح؟ هل يشغلك؟ يوقظك؟ ينبهك؟ يمتعك؟ يسليك؟ ويؤنسك؟ ام هل يجعلك تفكر و تحسب وتتخيل؟ وهل يوقظ فيك كل شعور لم تختبره من قبل؟ هل يغيرك و يبدأ بتكوينك مجددا؟ هل يبعثرك و يلئم جراحك؟ هل يستقصي عيوبك ويبقي على ميزاتك؟ ستجد نفسك ريعاً و شابا و مراهقاً و كهلاً في آن واحد, ستجد بنفسك طيش المراهقين وسهر الصبيان, سيعطيك طاقة و حيوية الشباب.. ستجد في نفسك حكمة و شجاعة الكهول الا انه لا يغير عمرك ولا زمانك, هو الشعور الذي يوقظ بك ما لم تعلم بوجوده سابقاً وما لم تشعر به مع سواه وسيجعل منك ذاك الغريب الحالم المرهف المترقب لكل لحظة و المتيقظ لكل حدث... سيؤلمك, سيحرقك بل و سيدمرك في لحظة ويحيك في آخرى, سيهوي بك الى القاع و يطير بك للسماء هو هكذا كنبض القلب في شاشة المراقبة لا يتوقف ولا يتنازل بل سيزيدك وينقصك مما انت تحتاج اليه, سيعلمك الصبر جبراً لا فضلاً, سيعلمك الاستمتاع بالانتظار, سيجبرك على ما رفضته سابقاً و سيجعل منك شخصاً مختلفاً, سترى العالم اكثر جمالاً, سيجعلك متسامحاً, سيجعلك جميلاً, ترى العالم بشكل مختلف, وتبدأ زهور قلبك التفتح فيسقيها طرباً وشهوة و حباً .. تزهو بنصرك و تفتخر بنفسك, وتنتظم امامك الطريق و تنير الانوار ويبتعد عنك كل اليأس و الاحباط و الملل, فحتى وقت فراغك ستجد نفسك مشغولاً بالكم الهائل من افكارك و احلامك.. سيغيرك فهو جميل و جذاب؟ سوف يثيرك فهو كالتفاحة المحرمة؟ سوف يبعثرك و يبعثر احاسيسك و ستضيع في محاولة فهمه, سوف يغويك ويستدرجك, ستنتشي من النظر اليه, وستشعر بلذة لم تشعر بها من  قبل؟ سيزيدك رجولة و انوثة, سيوقظ الجانب الخفي, سيجعلك قوياً و فتياً, ستجعلك لا تقهر, بل و سيزيدك لطفاً وحناناً واشراقاً.
وفي لحظة.. او اقل من لحظة, كل هذا يمكن ان يؤخذ منك.. كيف؟ لم؟ اين؟ ولماذا...؟ ولكنه سيذهب, سيختفي, سينتهي, سوف يتم تعذيبك وقتلك, حرقك و شنقك, ستقتلك الاسئلة الى ان تجف حنجرتك ولن تجد نفساً جديداً لتأخذه او هواء كافي لتتنفسه, ستتكسر اجنحتك ولن تجد نفسك قادرا على الطيران من البقعة التي حللت بها او الحفرة التي وقعت بها, لن تجد صوتاً لتنادي به, ولن تجد صدى ليحمل كلماتك, ولن تجد قطرة دم قادرة على تغذيتك, ولا دمعة لتدفئة بشرتك, سيدميك حتى تستنفذ كل قوتك, سيشعرك بالبرد في اكثر اللحظات حراً, سيؤرقك حتى تطلب منك جفونك الراحة, سيتعبك ويكسر ظهرك, سيأخذ منك كل طاقتك, سيضعفك و يهزأ بك ويسحب كل نفس باقي لك,في لحظات تغيب كل المنطقية و الحكمة و الاتزان و الشجاعة وتموت فيك الرغبة وتذهب اللهفة و الشوق و الحنين و تختفي من امامك كل الاشياء الجميلة التي كانت تمدك بالطاقة سابقاً, تهمد الحياة وتتوقف الازمنة و تطفيء الانوار و تغلق الستارة وتنظر حولك لتجد نفسك في نفس المسرحية وحدك منذ البداية وما كل ما جاءك الا تخيلات ايقظتها رغبة كامنة, وشهوة غير منقضية, وزهرة اغوتك برحيقها, و احلام قادتها اليك انغام طيور الفجر فغفوت ثواني لتحلم حلم جميل ثم استفقت مجددا لنفس ما كنت فيه منذ البداية..