Pages

Wednesday, September 26, 2018

قبلة الداء والدواء


اختلف البشر في تعريف القبلة بين المحبين، فمنهم من أسرف في تعريفها الأفلاطوني العاطفي النبيل ومنهم من انحدر في تحجيمها وتقزيمها الى قوقعة الجنس والحميمية. ويبقى التعريف والجدل قائما الى الأبد. 

والقبلة بالنسبة لي، مثلما عرفتها يوما في احدى كتاباتي، هي بداية اعلان بركان الحب ومشاعر لاتكتب ولاتقال واحاسيس لا توصف وحنان الجنس وقسوته وبدايته ونهايته واستقبال ووداع وعطف ورحمة واعتذار وعشق وشهوة وامان. لايضاهي القبلة الحقيقية فعل ولا تصرف يوصل بين المحبين مالا يمكن ايصاله ويكملها لمسة يد تضع الرتوش الاخيرة لاهم حديث لايقال بين العشاق. 

منذ عشرات السنين أصبحت القبلات بالنسبة لي شيئا غير مرغوب وغير محبب لأسباب كثيرة ومن أهمها انني اعتبر تقبيل اَي شخص هو استسلام له بكافة المقاييس والمعايير وهدم كافة الحواجز. القبلة في دستوري هي اكبر تعبير عن المشاعر وأكثر لحظات الضعف بين الطرفين. وحتى في لحظات حميمية جنسية تفاديت التقبيل لأثبت لنفسي اولا انني بعيد عن عواصف القلب لنفوري الشديد من هذه الاحاسيس ومقتي لها وحقدي عليها وثانياً لكي لا اترك مجالا لأي سوء تفسير من احد وحتى من نفسي. فلست اريد ان احب احد ولا ان يحبني احد. مستمتع في حياتي لاقصى حد متحكم فيها. انا الآمر الناهي ، انا سيد الموقف. ادخل من اريد واخرج من اريد من الناس متى شئت. 

وقوانيني في التقبيل تنطبق على كثير من الامور في حياتي وبالذات علاقاتي مع الجنس الاخر. فالحب ممنوع، والعشق منبوذ وكلمات تحمل شوقا وحنينا وافتقادا وغزلا هي من المحرمات في كتبي. اضف اليها ابسط كلمات من "صباح الخير" او "تصبحين على خير"

وجاءت الطامة الكبرى التي غيرت قوانيني ودفاتري ومعتقداتي وقواميسي. فمن أقصى كره للتقبيل الى قبلة أولى على شفتيها حملت فيها عطش سنوات طويلة من حرمان وأفرغت عواطف أحسستها لها منذ اشهر. حملت تلك القبلة كل ما أردت ان أقول ولخصت كل ما اريد. وتلتها قبلات من شوق وحنان وعشق وحب وحميمية وعطش لايقاس بمقاييس هذه الدنيا. 

تلك القبلة التي احسست ان المسافة بين شفتي وشفتيها هي أطول ترحال سافرته في حياتي. شفتان ابدع الله فيهما، حبتان من توت شامي في اروع صوره في صيف دمشق. تضمان فما خدره عسل لم يكن في خاطري (وانا الكاهن المحنك) ان وجد مثله في هذه الدنيا. شفتان يرشح منهما ياقوت أصفى من انهار الجنة. أرسلت عيناي لأطبع تلك التفاصيل في أخاديد ذاكرتي وارسم تلك اللوحة الفنية في مخيلتي خوفا مما سيأتي بعد ان أغمض عيني. 

وعندما تلاقت شفاهنا وتوقف الكون عن الدوران وانفجرت براكين عشرات السنين في جسدي، حسبت انني مت وبعثت في جنان الخلد. وتمنيت ان تدوم تلك الأحاسيس الى الأبد. 

بادلتني كل قبلة بقبلات، نظرات في أعماقي وهي تقبلني نفذت الى داخلي والتحمت في خلايا قلبي لتقول دون القول "انت حبيبي" 

قبلة بعد قبلة وعشق بعد عشق وحب بعد حب وسواء كانت سريعة أو طويلة، عادية أو مليئة بالشغف، بقي لقبلتها تأثيرها على كياني ووجودي. تسحرني، تأسرني وتذكرني بأن لا اخاف، فهي ملاذي. 

كل قبلة من قبلاتها لي حملت طيها قواميسا وقصائدا من حب باحت به يوما ورددته اياما. فعشقت حبها لي وقبلتني لتقول "حبي هو الحب وعشقي هو العشق"

حتى أتت يوما باعصارها لتقتل كل ماحملت قبلاتها من مشاعر وتحولها الى رماد متطاير. وتتعذر بأعذار لايقبلها عقل ولا منطق وان قبلها اَي منهم فلا تقبل في دستور المحبين.

لن اقبلك لأني.....
كرهت قبلاتك لأني....
سأحرمك قبلاتي لانك...
سأقبلك بشرط....
لن اقبلك حتى.....
وسأطبع بعد جهد ورجاء قبلة باردة متكلفة ميتة على خدك واصفعك بها كانك غريب الغرباء .....

وكل ذاك ولم يكفي .... فحتى الكلمات أصبحت ثقيلة في ميزانها ولمسات حانية على يدي في يوم أصبحت فارغة من كل شي. وحتى في اعظم لحظاتنا الحميمية المتفجرة لم تعد اللمسة والقبلة متاحة .... 

وصرت اطلب منها ان تغمض عينيها قبل ان اسرق من شفتيها قبلة لا تسمن ولا تغني من جوع لأخادع نفسي وأقول لاتزال هي هي ....

واعود فأقول اما انها آلهة الخداع والتمثيل واستطاعت ان توهمني وتقنعني ان تلك القبلات البائدة كانت صلب الحقيقة وكانت صادقة في كل سكنة وحركة وانا ساذج صدقت بعد عشرات السنين من المعارك وتمكنت دليلة من خداعي. او انها انقلبت في معاييرها وكرهت واشمئزت وكلا الخيارين قاتل اكثر من أخيه. 

فإما انني مخدوع او انني غبي او انني بدأت افقد عزتي شيئا فشيئا. 

وأصبحت استجدي بعد ان كنت صاحب الفضل وأصبحت أرجو بعد ان كنت أُرجى وصرت انتظر بعد ان كنت أُنتَظَر. فلا أنا كما كنت يوما ولا أنا كما أوهمتني بأنني حبيبها المنتظر .... 

مسخ نسي مشيته الاولى ونبذته زمرة المحبين والعشاق وطرده كهفه وبقي يعيش على أمل مهلهل. وللحديث بقية

Tuesday, September 25, 2018

ماذا اسميك


...اني اتذكر
...ما اجمل الذكرى
...اتذكر ان تاريخ ميلادك
...يجيء في الربيع
....وتاريخ ميلادي
....يجيء في الخريف
....لعل تاريخ ميلادنا سويا في فلك واحد

...كان في ذلك الخريف يوم ولدت يوم تساقطت الأوراق ويوم تعرت الأشجار واهتزت ويوم نفخت الريح ويوم عادت الدنيا عارية من كل زيف

...ومن هنا بدأت الحكاية
لكني لا اعرف بم اناديك؟
وما اسميك؟
أأسميك حبيبتي؟
....لا
...انها كلمة بليت لتكرارها
...اريد اسما جديدا
....رائعا
...مثيرا
...وجميلا وبراقاً
...يعبر عن حبي العظيم

...هل اناديك صديقتي؟ لا ...مع انها رائعة غير انها ابتذلت

هل اناديك حياتي؟ لا.. لا يكفي

اريد اسما جديدا وهاجا
رائعا...مثل حبك
حنونا...مثل قلبك
دافئا...مثل انفاسك
...ليعبر عن حبي العميق

بحثت في كل المعاجم
لكنني لم أعثر على مصطلح يليق بك

بحثت في أكثر اللغات فوجدت ثلاثة أحرف وعندها قررت أن أغير اسمك

مثلما غيرت انت اسمي وغيرت تاريخ ميلادي ثم حلقت بحلمنا بعيدا واكتشفت انك ما تزالين على الارض وانا أحلق في سمواتي وأحلامي وأكواني وافلاكي وحيدا وانت تتابعينني من برجك العاجي بابتسامة ساخرة صفراء لئيمة 

...اجل سأغيره
...وغصبا عنك سأنقشه وفوق ماء الورد اسكبه وفي مهب رياح العشق انحته

لأنني أريد أن أرى نفسي مطبوعا في مقلتيك

مطبوعا مثل لونهما العربي

لأنك تسللت من مساماتي إلى وريدي، إلى نبضي وقلبي ...واقمت فيهم إلى الابد

سأبدله!
...لان فصيلة دمنا
..امانينا
..احزاننا
...افراحنا
...معاناتنا
...كانت يوما واحدة

فالشمس والقمر ولدا من رحم واحد ولكن لن يقدّر أبدا ان يلتقيا 

...اجل يا سيدتي سأسميك "انا"

Tuesday, September 4, 2018

قصة من التاريخ


وعاش شمشون كجبار مريد... وقارع الآلاف بقبضة من حديد. كان بقوة الف رجل. لم يرحم، لم يتهاود، لم يقف في طريقه شئ. 
حتى أحب يوما "دليلة".... 
راهن علي ولا تخف... يوما قالت له.. اقدم وأغمض عينيك واستسلم لحبي... 

جردته من دروعه... اركعته.... قصت شعره... حرمته من كل قوته... 

وفِي النهاية... عذبت شمشون، وهدرت كرامته وقتلته، ونكلت بجثته وشوهتها، وفقئت عيناه، ودفنته في ارض محروقة.